تفسير ومعني كلمة النور في الآية 157 من سورة الأعراف - اللقاء السابع

3 years ago
9

تفسير ومعني كلمة النور في الآية 157 من سورة الأعراف - اللقاء السابع

الضياء إذا لوحظ في نفسه ومن حيث هو ، وهو أعمّ من أن يكون محسوسا أو معنويّا أو روحانيّا ، وسواء كان متقوّما بنفسه أو بغيره ، ويلازمه الحرارة المناسبة.

فالنور المحسوس المادّيّ : كما في :

{وَمَا يَسْتَوِي الْأَعْمَى وَالْبَصِيرُ (19) وَلَا الظُّلُمَاتُ وَلَا النُّورُ (20) وَلَا الظِّلُّ وَلَا الْحَرُورُ} [فاطر: 19 - 21]. {هُوَ الَّذِي جَعَلَ الشَّمْسَ ضِيَاءً وَالْقَمَرَ نُورًا } [يونس : 5]. {كَمَثَلِ الَّذِي اسْتَوْقَدَ نَارًا فَلَمَّا أَضَاءَتْ مَا حَوْلَهُ ذَهَبَ اللَّهُ بِنُورِهِمْ وَتَرَكَهُمْ فِي ظُلُمَاتٍ} [البقرة : 17] فهذا النور في مقابل الظلمة المادّيّة : وهو المتحصّل في أثر التموّج والاهتزاز والتحرّك في أجزاء الجسم وذرّاته (مولكول).

وهذا النور إمّا ذاتيّ في الجسم المتنوّر ، كما في الشمس والنجوم الثوابت. أو اكتسابيّ ، كما في القمر والسيّارات السماويّة.

والنور على ما حقّق يلازم الحرارة ، وكلّما اشتدت الاهتزازات الداخليّة في ذرّات الجسم تزداد الحرارة والنور. فبين الحركة والحرارة والنور ارتباط.

ويقال إنّ النور والحرارة يسير كلّ واحد منهما في الثانية قريبا من/ 300000 كيلومتر ، وهما يوجدان في الخارج وليس لهما ثقل ووزن ، كما في سائر القوى (إنرژى).

وأقوى النور والحرارة في عوالم المادّة : ما يتحصّل من الشمس وسائر النجوم الثوابت ، فيقال إنّ الشمس أكبر من الأرض بمقدار/ 1300000 ، ونورها يصل الى الأرض في مدّة 8 دقائق و13 ثواني.

وأمّا النور الاكتسابيّ في الجسم المستنير : فكما في الأرض والقمر وسائر الكواكب السيّارة ، فانّها تستنير من الشمس.

وأمّا النور المعنوي : فكما في :

{اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا يُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَوْلِيَاؤُهُمُ الطَّاغُوتُ يُخْرِجُونَهُمْ مِنَ النُّورِ إِلَى الظُّلُمَاتِ} [البقرة : 257]. {إِنَّا أَنْزَلْنَا التَّوْرَاةَ فِيهَا هُدًى وَنُورٌ} [المائدة : 44]. {أَفَمَنْ شَرَحَ اللَّهُ صَدْرَهُ لِلْإِسْلَامِ فَهُوَ عَلَى نُورٍ مِنْ رَبِّهِ} [الزمر: 22]. {وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكُمْ نُورًا مُبِينًا} [النساء : 174]. {وَيَأْبَى اللَّهُ إِلَّا أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ} [التوبة : 32] فالآية الاولى : تتعلّق بالمحيط المعنويّ الحاصل من الأعمال والصفات والاعتقادات الصحيحة والارتباط باللّه عزّ وجلّ.

والآية الرابعة : تتعلّق بالقرآن المجيد وفيه نور من العلم والمعرفة.

والآية الثانية : تتعلّق بالتوراة الأصيلة النازلة من اللّه تعالى.

والآية الثالثة : تتعلّق بنورانية الصدر بالايمان والتوجّه.

والآية الخامسة : تتعلّق بالنبي الأكرم فانّه مظهر النور.

وأمّا النور في عوالم الآخرة : فكما في :

{يَوْمَ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالْمُنَافِقَاتُ لِلَّذِينَ آمَنُوا انْظُرُونَا نَقْتَبِسْ مِنْ نُورِكُمْ قِيلَ ارْجِعُوا وَرَاءَكُمْ فَالْتَمِسُوا نُورًا فَضُرِبَ بَيْنَهُمْ بِسُورٍ } [الحديد : 13]. {يَوْمَ لَا يُخْزِي اللَّهُ النَّبِيَّ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ نُورُهُمْ يَسْعَى بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَتْمِمْ لَنَا نُورَنَا } [التحريم : 8]. {يَوْمَ تَرَى الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ يَسْعَى نُورُهُمْ بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِمْ بُشْرَاكُمُ} [الحديد : 12] ولا يخفى أنّ في عوالم ما وراء المادّة : يترك ويزول كلّ أصل كان مادّيّا وفي المادّة ، من البدن وقواه وتمايلاته وآثاره وشهواته ، ويومئذ تبلى السرائر ، لقد كنت في غفلة من هذا فكشفنا عنك غطاءك. والغطاء ما يغطّى الحقيقة ويستر الباطن والسريرة ، فإذا انكشف الباطن وهو الروح بزوال البدن الجسدانيّ المادّيّ الظلمانيّ المنكدر : تبلى السريرة على ما هي عليها ، من النورانيّة والظلمانيّة.

فنورانيّة عالم الآخرة إنما هو انكشاف ما في الدنيا ، برفع الغطاء وكشف الحجب والأستار ، وظهور ما هو الحقيقة الباطنيّة.

فيسعى نور المعارف الإلهيّة والمشاهدات الروحانيّة فيما بين أيديهم وأمامهم ، ونور الصفات الملكوتيّة في أيمانهم.

وأمّا النور الروحانيّ : فكما في :

{اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكَاةٍ فِيهَا مِصْبَاحٌ الْمِصْبَاحُ فِي زُجَاجَةٍ الزُّجَاجَةُ كَأَنَّهَا كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ يُوقَدُ مِنْ شَجَرَةٍ مُبَارَكَةٍ زَيْتُونَةٍ لَا شَرْقِيَّةٍ وَلَا غَرْبِيَّةٍ يَكَادُ زَيْتُهَا يُضِيءُ وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نَارٌ نُورٌ عَلَى نُورٍ يَهْدِي اللَّهُ لِنُورِهِ مَنْ يَشَاءُ} [النور: 35]. {يُرِيدُونَ أَنْ يُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَيَأْبَى اللَّهُ إِلَّا أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ} [التوبة : 32]. {وَأَشْرَقَتِ الْأَرْضُ بِنُورِ رَبِّهَا وَوُضِعَ الْكِتَابُ وَجِيءَ بِالنَّبِيِّينَ وَالشُّهَدَاءِ وَقُضِيَ بَيْنَهُمْ} [الزمر: 69] النور الروحانيّ على قسمين : إمّا له وجود ذاتيّ وتحقّق بذاته ، أو يكون وجوده بغيره :

فالثاني- كما في عالم العقل والجبروت من الموجودات الروحانيّة المتكونة النورانية بإفاضة من المبدإ.

والأوّل- منحصر في النور الواجب بذاته ، وهو الغنى بذاته وهو غير متناه ولا حدّ له بوجه من الوجوه ، وهو الحىّ المطلق.

فالنور من أسماء اللّه عزّ وجلّ بمعنى الظاهر بذاته والمتقوّم بنفسه والنافذ المؤثّر في غيره ، وله مراتب :

الأوّل- أن يلاحظ بذاته وفي نفسه ومن حيث هو ، وبهذا المعنى يطلق على اللّه عزّ وجلّ ، ويختصّ به تعالى ، وصفته عين ذاته.

الثاني- أن يلاحظ بالنظر الى جهة التأثير والافاضة في مقام التكوين ، بمعنى إفاضة النور تكوينا ، وإيجاده بالبسط والتجلّي.

Loading comments...